- رسالة عرفنى شكرا -
" أحمد وعادل "
كان " أحمد " هو الطالب البارز بين أقرانه فى المدرسة ، عُرف بتفوقه الدراسى الملفت للأنظار ، ما من طالب من زملائه إلا ويتمنى أن يكون مثله ، وما من معلم إلا ويجعله " القدوة " التى يجب على الطلاب من أقرانه أن يتعلموا منها ويسيروا على دربها ... كان عادل واحداً من هؤلاء الطلاب الذين يتمنون أن يكونوا مثل أحمد فى تفوقه ونبوغه ... وكان السؤال الذى يشغل باله ، ويتمنى أن يجد الإجابة عليه هو : كيف أكون مثل أحمد وربما أفضل منه ؟ كيف أعد خطة جيدة للمذاكرة تعيننى أن أصل إلى ما أتمناه ؟
" محمد وغادة "
كانت ليلة طويلة تلك التى قضاها محمد مهموماً حزيناً ، أرَّقه السهر ، وأتعبه الضجر ، ولسان حاله ، وملامح وجهه تقول : متى يأتى اليوم الذى أجد فيه شريكة حياتى ، وقرة عينى ؟ أشاركها حياتها ، وتشاركنى حياتى ؟ أبث لها بمتاعبى ، وتبث لى بمتاعبها ؟
ومما هون عليه ليلته ... " غادة " تلك الفتاة الرقيقة التى وجد فيها ضالته ، والتى وجدها عند جيرانه أثناء صعوده لمنزله ؛ إذ يبدو أنها قريبة لهم ... وكان السؤال الذى يشغل باله ويتمنى أن يجد الإجابة عليه هو : كيف أتقدم لها من خلال جيرانى بالطبع ؟ وكيف أقنع جيرانى بى كشريك حياة مرتقب لـ " غادة " ؟
" أشرف وحجر المعدة المتحرك "
لم يعد أشرف كما كان ، وكما يعرفه أقاربه وأصدقاؤه ؛ ذلك الشاب قوى البنيان ، فارع الطول ، متين الجسم ، لا يدرى هو كيف مرت الأيام الثلاثة الماضية بتعبها وهمها ، ونومها الذى انقلب عدواً لدوداً له ؟
أصبح يشعر بضعف عام لا يدرى له سبباً ؛ بدأ يشعر وكأن حجراً صغيراً يشبه قطعة الطوب الصغيرة يتحرك فى بطنه يتخلل أمعاءه ، ولا يدرى من أين جاء ، وما هو فى الحقيقة ؟
ولم يتركه أصدقاؤه فريسة سهلة لهذه الوحدة القاتلة التى تزيده مرضاً فوق مرضه ، وتعباً بعد تعبه ، فراحوا يرشحون له العشرات من الأطباء الذين يستشعرون فيهم الخبرة والكفاءة اللازمة ، وكان السؤال الذى يشغل باله ، ويتمنى أن يجد الإجابة عليه هو : كيف أفاضل بين هذه القائمة الطويلة من الأطباء الذين – وكما يقول الأصدقاء والمعارف – لا يوجد بينهم فرقاً واضحاً فى المهارة والخبرة ، بل يكاد أن يكون كل واحد منهم مثل قرينه فى المعرفة الطبية ؟
ألم تواجهك – عزيزى القارىء – مثل هذه المواقف السابقة ، وكنت تتمنى أن تجد الإجابة عليها ؟
الحقيقة أن السؤال الذى يبدأ بـ " كيف " هو السؤال الذى يطرحه الناضجون على أنفسهم ، فلك أن تحكم على شخص بالنضوج من عدمه ، بل لك أن تقيس مدى نضجك أنت بأن تحاول أن ترى اهتمامك بالعمل بعد العلم ، وبالفعل بعد القول .
" كيف " هو السؤال الذى تحمل الإجابة عليه الطريقة العملية الواقعية اللازمة للقيام بمهمة معينة لطالما حار عقل المرء فى التوصل إليها .
" العلم وحده لا يكفى ، بل لابد من ... "
هذا هو الشعار الذى ينبغى لنا أن نرفعه ، ونعلمه لأنفسنا قبل أن نعلمه للآخرين .
إذا حسبت أن المطاف ينتهى بالعلم فقط ، فلقد انتهى الأمر بك إلى الجهل .
إن بعد العلم خطوة لابد لك أن تسلكها ، وأن تقوم بها هى العمل .
وتطبيق العلم هو الذى يجعل له مكانته ويزيده حلاوة فوق حلاوته ، وجمالاً بعد جماله .
" عرفنى شكراً ... منهج حياة "
من هذا المنطلق راحت " عرفنى شكراً " تقوم برسالتها ، وتؤدى واجبها ، وتحاول الإجابة على أهم سؤال : كيف ؟
وراحت تشرح الطرق اللازمة للقيام بمختلف المهمات الضرورية فى الحياة ...
ولك – عزيزى القارىء – أن تتصفح تلك الموسوعة الثمينة لتقف على مئات المقالات فى مختلف المجالات لتفهم بطريقة عملية – فى صورة خطوات متتابعة – كيف تقوم بتنفيذ مهمة معينة .
وعموماً ، فها نحن نطرح بين يديك الطريقة المثلى لإجابة سؤال يبدأ بـ " كيف ؟ " ، ويحمل فى مضمونه استفهاماً عن كيفية القيام بمهمة معينة ؟
كيف تقوم بأداء مهمة معينة ؟
يقابل المرء فى حياته الكثير والكثير من المواقف التى يتمنى أن يهتدى فيها إلى التوصل للطريقة الصحيحة التى تعينه على فهم الموقف وإدراك أبعاده وتحليل جزئياته ، ومن ثم التصرف فيه بطريقة صحيحة سليمة تلبى له مطلوبه ، ولا تضر غيره ، وتساهم فى تشكيل مجتمع متعاون متماسك .
والحقيقة أننا نعلم أن مجتمعنا الذى نحيا فيه قد افتقد تلك الثقافة ، واستبدل بها طرقاً أخرى سمتها العامة : الارتجالية والعشوائية فى التفكير والتنفيذ بما لا يؤدى فى النهاية إلى تلبية مطلوب الإنسان ، وبما يضر غيره ، وبما لا يساهم فى تشكيل مجتمع متعاون متماسك .
والسؤال الذى يطرح نفسه ، ويكاد أن يدفعنا دفعاً لمحاولة الإجابة عليه هو : كيف لى أن أقوم بمهمة معينة ؟
الخطوة الأولى :
أن تسأل نفسك هذا السؤال : هل المهمة المطروحة تساهم فى تحقيق هدفى الكبير فى الحياة وغايتى الرئيسية التى نصبت لها نفسى ، وبذلت لها كل مجهودى وطاقتى ؟
وهى خطوة مهمة وخطيرة ، وإذا قمت بها ، فستستنتج أن المهمة المطروحة إما أنها لا تؤدى إلى تحقيق هدفك الكبير وغايتك الرئيسية ، وعندها يجب عليك أن تعدل عن كيفية القيام بالمهمة أساساً ، وإما أنها – وبالفعل – تساهم فى تحقيق غايتك ، وعندها ستنتقل للخطوة الثانية .
الخطوة الثانية :
ضع فى ذهنك أن تحقيق تلك المهمة يشبه الطائر الذى يطير فى الهواء طليقاً بجناحين : جناح معرفة الكيفية اللازمة لأداء المهمة بوضوح وبترتيب عملى مكون من خطوات معينة ... كل خطوة فيه تؤدى إلى لاحقتها ، والجناح الثانى الذى لا غنى عنه – لإتمام عملية الطيران بنجاح – بعد العلم الكامل أو القريب من الكمال : التنفيذ الفورى لما علمت ، وعدم التأخر أو الإبطاء .
الخطوة الثالثة :
أفضل طريقة للعلم بكيفية أداء مهمة معينة مطلوبة هى : التفكير الواعى فى المهمة وكيفية القيام بها ، ولك أن تقوم بذلك مستخدماً أهم ما يميز إنسان وهو العقل الذى أصقلته التجارب المتنوعة والخبرات المختلفة ، ثم بعد ذلك : سؤال المختصين واستشارتهم والاستعانة بآرائهم والاستنارة بحكمتهم ، والاستئناس بمعرفتهم .
الخطوة الرابعة :
ها أنت قد اهتديت إلى الطريقة الصحيحة اللازمة للقيام بالمهمة المطلوبة ... ولم يبق بعد ذلك إلا التنفيذ الفورى .
نصائح عابرة :
- هل لك أن ترى الحسرة متجسدة ، وكأنها كائن حى أمامك تراه ويراك ، ويسبب لك كل ما يمكن أن تتخيله من الحزن والضيق ... أن تسير فى الحياة بلا هدف ، وأن تضيع طاقتك الذهنية والوجدانية والعملية فيما لا طائل وراءه ، وفيما سوف تكتشف فيما بعد أنه كان محض سراب كنت تعتقده الماء الزلال ، فإذا به وهم وضلال .
- العلم الذاتى النابع من تجاربك الشخصية وخبراتك المتجددة يوماً بعد يوم سيزيد بمرور الأيام ... فقط حاول أن تكون منتبهاً لكل جديد ، وحريصاً على الاستفادة منه .
- إياك واستشارة ذوى الخبرات الضيقة والمعارف الناقصة ، فكأنك – بهذا – تريد إلحاق الضرر بنفسك بيدك أنت ، وتعوَّد ألا تلجأ – فى الاستشارة – إلا لمن تعرف عنهم العلم أولاً وحب الخير لك ثانياً .
- لو اكتشفت أنك بعد القيام بالخطوات السابقة لم تظفر بما كنت تتوقعه ، فلا تحزن ، وحاول اكتشاف الخلل وإصلاح ما يمكن إصلاحه ، بعد أن تتأكد أنك قمت بما ينبغى عليك أن تقوم به .